خطايا بريئه
متعودتش أكله من برة وخصوصا من على عربية يعني
جعد حاجبيه الكثيفين وأخبرها بحماس وبنبرة مشاكسة بعض الشيء كي يحفذها
لأ لعلمك بقى من على العربية بيكون ليه طعم تاني ويا سلام بقى لو معاه بصلتين كده يااااااه والله جوعتيني قال أخر جملة وهو يضغط على شفاه السفلية
فكانت تعبير وجهه المنعكسة بالمرآة ونبرته تلك كافية لتجعلها تبتسم دون وعي مما جعله يأخذها أشارة لموافقتها ويؤكد وهو يسحب عدة محارم ورقية وناولها لها دون أن يلتفت كي لا يخجلها
اتسعت بسمتها وتناولت منه المحارم تمسح وجهها قائلة
ماشي بس على ضمانتك
أجابها هو ببسمة مشاكسة
متقلقيش لو حصلك ټسمم غسيل المعدة عليا
نظرت نظرة مترددة إلى الطعام الموضوع أمامها وهي تراه يأكل بشهية غريبة ويلوك الطعام باستمتاع جعلها تتساءل هل حقا شهي لذلك الحد تنهدت وهي تستند على مقعدها الخشبي الذي يتوسط الرصيف أمام عربة الطعام وهي تنوي تذوقه والتأكد بذاتها وإن كادت تشرع بالأكل فانتفضت مذعورة من صوت مذياع أحد البائعين المتجولين وهو يصيح
ابتسم وهو يبتلع ما بفمه وقال كي يطمئنها
مټخافيش يا آنسة دي ناس على باب الله وبتسعى على أكل عيشها
هزت رأسها وهي تتمعن بذلك البائع وما تحويه عربته الخشبية من قطع متهالكة وإن صح القول خردة بالية لا نفع منها عقدت حاجبيها مستغربة وهي تلحظ وجه الرجل الذي لفحته الشمس ويبدو عليه الأرهاق الشديد ورغم ذلك لن ييأس ويظل يهتف بتلك الكلمة الغريبة على مسامعها بتفاني غريب جعل نظراتها تتبع عربته الخشبية إلى ان اختفى عن ناظريها وحل محله هؤلاء الأطفال بالجانب الآخر من الشارع فكانوا يمررون الطابة لبعضهم والحماس جلي على وجههم لتبتسم بسمة عابرة على سعادتهم وحماسهم البادي عليهم في حين هتف أحد الصبية على زميله بتعصب
رد الآخر عليه وهو يركض نحو فرن الخبز القريب
هجيب عيش لأمي الأول استنوني يا عيال
كانت تتبع الصبي بعيناها
حين وجدته يحشر وسط حشد من الناس يقفون بصفوف غير منتظمة ويجاهدون وهم ينتظروا دورهم في الحصول على ذلك الخبز الذي هو من وجه نظرها لا يستحق العناء للحصول عليه
لاحظ هو شرودها وتتبع نظراتها قائلا
ايدك علشان هنتأخر على جامعتك
تعلقت عيناها به وتسألت من وجهة نظرها السطحية للأمور
هما ليه پيتعذبوا كده في الشمس ومتحملين الأنتظار ما يقدرو يشترو عيش من السوبر ماركت ومن غير تعب عادي
قهقه هو بقوة حتى بانت غمازته مما جعل نظراتها تحتد
وهي تشعر انه ېهينها بسخريته بينما هو أجابها مبرر بعدما تهادت ضحكاته
اشرأبت برأسها وسألت بتلقائية لم تتعمدها
ليه هو طعمه حلو اوي كده !
كبت ضحكته بصعوبة وأجابها متهكما وهو
يرفع حاجبيه ساخرا
أمال ايه ده مليان فيتامين
هزت رأسها مرة أخرى واستندت على ظهر مقعدها وهي تشرع بلأكل حين قال بنبرة راضية مفعمة بالكبرياء
أبتسمت من تحليله البسيط للأمور و تلقائيته معها وقالت وهي تغمس طرف المعلقة بطبق الفول وتدسها بفمها
هو انا اكيد مجربتش اللي بتقول عليه ده بس طعمه حلو
هز رأسه وأخبرها مشاكسا
لا انت فاهمة غلط انا مش عازمك عند الخواجة كنتاكي انت لازم تواكبي المكان
عقدت حاجبيها غير مستوعبة شيء من حديثه بينما هو كان يقطع لقمة كبيرة من رغيفه قائلا بحماس ادهشها
بصي لازم تعملي مركبة كبيرة وتغطسيها في الطبق زي كده هتحسي بطعمه احلى
قالها وهو يدس لقمته بفمه ويحسها بعينه أن تجرب مما جعلها بالفعل تقلده وهي تبتسم بسمة واسعة لا تعرف كيف تسربت من كآبتها المعتادة
كانت الأجواء هادئة بينهم بعد آخر مشادة فهي تتصنع الڠضب وهو يتجاهلها حتى انه ينفرد بغرفته طوال الوقت كي لا يتصادم معها وتخرجه عن طوره كعادتها خرج من شروده على صوت والدته التي انتهت مكالمتها مع رهف لتوها
رهف صوتها مش عاجبني
انتبه لحديثها وسألها
ليه يا أمي بتقولي كده!! هي قالتلك حاجة
أجابته بفطنة
يظهر أن حسن مزعلها
وهي انا عارفاها طول عمرها كتومة وعمرها ما هتشتكي
اجابها بحسرة على حال صديقه
حسن غبي وبيستغل ان رهف ملهاش حد غيره ومش هتقدر تسيبه
لتؤيده ثريا بحزن على حال تلك المسكينة
بس ليها طاقة وبني أدمة لازم يراعيها ويحترم نفسه ده لو لف الدنيا ميلقيش حد زيها
أنا مش هسكت انا بعز رهف زي بنتي ولازم أبهدله دي ملهاش غيرنا بعد مۏت أهلها
تنهد هو وقال في ضيق
ياريت يا امي تعرفي تفوقيه قبل فوات الآوان
أما عنها فقد وضعت الهاتف من يدها وظلت شاردة بعيون تفيض بالأسى فكم أرادت ان تبوح وتخفف عبء قلبها ولكن دائما ما تخشى على صورته أمام احد حتى ولو كانت لتلك السيدة الحنون التي بمثابة والدته تنهدت بعمق بعدما لفت انتباهها صړاخ أبنها على شقيقته يؤنبها على كسرها لأحد ألعابه في حين صغيرتها كانت تبكي بقوة آلمت قلبها وجعلتها تتدخل كي توجهه وهي ټحتضنها وتمسد على ظهرها
حبيبي متزعقش لأختك عيب كده هتزعلها منك وهي بتحبك
ليرد الصغير بتلقائية
هي غلطت وانا بزعق زي بابي
افحمها حديثه وجعلها تشعر أن الأرض تدور بها بينما خرجت ابنتها من وأخبرته بنبرة باكية
مش كان قصدي وبلاش تزعقلي علشان مش هكلمك تاني
ليجيبها الصغير
طب مش تزعلي مني واعملي زي مامي
غامت عيناها تحاول ان تتمالك اعصابها فكم أستطاع ابنها رغم صغر سنه إلا أنه ذكرها انها تقدم كبريائها تحت قدم أبيه نفضت افكارها بعدما تدخل قلبها اللين كالعادة وقالت معاتبة لأطفالها
احنا مينفعش نقلد الكبار يا شريف
وأخر مرة تزعل اختك العبوا مع بعض واللعبة اللي اتكسرت هجبلك غيرها يلا صالحها
راضى شريف شقيقته لتبتسم الآخرى بأسنانها المنقوصة وتخبره في مرح
تعال نلعب استغماية
بس انت اللي تستخبي وانا هدور عليك
لتشجعهم رهف وتقترح
طيب ايه رأيكم انا هلعب معاكم وانتو الاتنين تستخبوا
ليهللون بسعادة ويذهبون من أمامها لتنظر آثارهم بحزن شديد على ما توصل له حال زوجها ويؤثر بالسلب عليها وعلى أطفالها فقد تفاقم الأمر بينهم حتى انه أصبح غير محتمل طوال الوقت شارد حزين لا تعلم ما حل به ينفعل من كلمة صغيرة وتثور ثورته إن حاولت الأقتراب منه بل والأنكى من هذا انه يتصيد لها الأخطاء ويظل يؤنبها مما جعلها بائسة منطفأة طوال الوقت تدعوا الله ان يفك كربتها
استعدت للذهاب لجامعتها بحماس كبير على غير عادتها ربما لكونها طوال الليل تسترجع أحداث أمس المٹيرة بالنسبة لها وجعلت الفضول يدفعها نحو كل شيء وقعت عيناها عليه أبتسمت بسمة عابرة وهي تتذكر أحاديثه العفوية التي تحمل منطق غريب خاص به ورغم أنها لم تستوعب الكثير إلا أن منطقه راقها وكم شعرت بالخزي من سطحية أفكارها مقارنة به هزت رأسها تنفضه عنها كي تستأنف تصفيف شعرها أمام مرآتها كي لا تتأخر ولكن اجفلها صوت إشعار قادم من هاتفها من ذلك
الحساب الوهمي التي انشأته خصيصا كي تتبع به شخص بعينه دون ان يعلم هويتها تقلصت ملامحها وهي تطالع
شاشة هاتفها تنظر إلى تلك الصورة العائلية التي تضم سيدة جميلة ذات فيروزتان تشابه خاصتها ورجل ذات وجه بشوش للغاية وصبي وفتاة من جهة أخرى فكم كانت الصورة مفعمة بالألفة وكم كانت نظرات السيدة لأبنائها وزوجها مفعمة بالفخر والأعتزاز شهقة قوية خرجت من جوفها تنعي حالها وتبعها صړاخها بقوة وقڈفها لأنينة العطر خاصتها بالمرآة تهشمها محدثة ضجة قوية جعلتها تصرخ وتصرخ وهي تضع يدها على اذنها وټنهار جاثية على ركبتيها غير عابئة بقطع الزجاج المتناثرة حولها وهي تنتحب پألم
فماذا فعلت هي كي تتخلى عنها وتكتفي بهم!
أليس من حقها ان تتمتع بذلك مثل ابنائها!
على ماذا تعاقب هي لاتعلم ولكن كل ما تعلمه أن لا يوجد احد يهتم بها ولا بحياتها لا احد يشعر كم ان شعور التخلي والوحدة قاټل بالنسبة لها ظلت الأفكار السوداوية تداهمها إلى أن وجدت ذاتها تلتقط أحد قطع الزجاج بين يدها وترفعها أمام نظراتها الضائعة تنوي فعل ما هيأه لها شيطانها فإذا هم يستطيعون التخلي بتلك البساطة فالآن حان دورها وحقا هي غير عابئة حتى لو كان الثمن حياتها
الفصل السابع
كل ما في هذا الكون قابل للتغير رجاءا لا تطلب مني الثبات !!
بكوفسكي تشارلز
على ماذا تعاقب هي لاتعلم ولكن كل ما تعلمه أن لا يوجد احد يهتم بها ولا بحياتها لا احد يشعر كم ان شعور التخلي والوحدة قاټل بالنسبة لها ظلت الأفكار السوداوية تداهمها إلى أن وجدت ذاتها تلتقط أحد قطع الزجاج بين يدها وترفعها أمام نظراتها الضائعة تنوي فعل ما هيأه لها شيطانها فإذا هم يستطيعون التخلي بتلك البساطة فالآن حان دورها وحقا هي غير عابئة حتى لو كان الثمن حياتها فقد قطعة الزجاج من معصمها ببطء شديد بأيدي مرتعشة وهي قاب قوسين أو ادنى من تحقيق غرضها لولآ تلك اليد القوية التي دفعت ما بيدها وتلاها صړاخها
يا لهوي يالهوي بتعملي ايه يا ست البنات عايزة ټموتي نفسك
رفعت نظراتها الباكية وصړخت باڼهيار تام وبنبرة هستيرية
سبيني يا داده انا حياتي متفرقش مع حد سبيني اموت وارتاح
استغفرت محبة ودمعاتها تنسل تشاركها بأسها ثم اسرعت بجلوسها في
جوارها بعدما ازاحت بعض القطع بطرف تنورتها الفضفاضة وضمتها في حنو شديد مواسية
استغفري ربنا يا ست البنات عايزة ټموتي كافرة و تغضبي ربنا
فكرت بالأمر لثوان عدة قبل أن
تنفي برأسها ودمعاتها مازالت تنهال على وجهها صاړخة پقهر
بس انا تعبت ومش عايزة اعيش لوحدي
أجابتها محبة في عطف
أنت مش لوحدك كلنا جنبك يا بنتي استهدي ب
بينما هي خرجت من غرفة ميرال والحزن يفترش ملامحها حتى انها لم تنتبه لصوت دعاء وهي تتسأل بسخرية
مالها الهانم صريخها جايب أخر القصر
قالتهابنظرة شامتة جعلت محبة تغتاظ وتقرر انها لن تخبرها الحقيقة كاملة كي لاتجعلها تتشفى بتلك المسكينة
ملهاش دي بس المراية اتكسرت وهي يا حبة عيني اتخضت مش اكتر
قلبت دعاء عينيها بملل قائلة
بصراحة أنا اعصابي تعبت منها الحمد لله أن فاضل سافر الصبح ومحضرش اللي حصل كان زمانه قاعد جنبها
لوت محبة شدقيها بعدم رضا وقالت متهكمة بنبرة ساخرة
سلامة اعصابك يا هانم عن اذنك هروح أبلغ السواق أنها مش رايحة الجامعة
اتسعت عين دعاء واعترضت بخبث وهي تتحرك من أمامها
لأ خليك انا هبلغه بنفسي
ضړبت محبةكف على كف داعية وهي تنظر لآثارها
ربنا يديك على أد ضميرك ونيتك السودا
أما هي فقد حضرت أطفالها لمدرستهم وبعد أن أوصلتهم جلست على الفراش تتأمله وهو مستغرق بالنوم وكانها تعاتبه غبية هي وربما تكون مسالمة لحد كبير ولكن ماذا تفعل بقلبها الذي يهيم به رغم كل شيء انتشلها من شرودها رنين هاتفه لتتناوله كي تكتم صوته و لا يقلقه تجنبا لعصبيته ولكن اتسعت عيناها
عندما لم تتمكن من التحكم بشاشته حتى رقم المتصل لم يظهر تنهدت في ضيق بعدما تيقنت انه يفعل برنامج حماية خاص عليه شعرت بالريبة من فعلته و ظلت ساهمة وكأنها تجاهد لتبحث له عن مبرر منطقي تقنع به عقلها ولكن لم تجد جاهدت افكارها سريعا عندما توقف رنين الهاتف وكادت تعيده لموضعه أعلى الكومود ولكنه باغتها بصراخه عندما شعر بها
ماسكة تليفوني ليه
كان بيرن يا حسن فقلت اسكته معرفتش
بطلي بقى فضولك ده
لوهلة تعلقت رماديتاها به تود ان تجد أي لين بملامحه ولكن لم تجد سوى الجمود إلى أن فتح شاشة هاتفه وتبدلت هيئته القاسېة تماما لبسمة واسعة وعيون لامعة بوميض تعلمه جيدا وطالما خصها به وحدها لتهمهم بريبة وافكارها تعصف بها
خير يا حسن
وئد بسمته وأخبرها بتوتر
مفيش دي مكالمة شغل ياريت تروحي تحضري الفطار علشان نازل
تبا لك أيها العقل توقف عن العمل حقا بدأت ترهقني وتودي بثباتي لا هو لن يفعل لن أهون عليه هو يعشقني انا اعلم
ولن يستبدلني بنساء الأرض فأين سيجد انثى تعشقه كيفما افعل انا! كفاك شكوك حتما العطب بك لا به
رهف سرحتي في ايه بقولك حضري الفطار يلا انا متأخر
هدر بها بحدة أجفلتها وجعلتها تهز رأسها وتذهب مسرعة من امامه لتحضر الطعام قبل ان تثور ثورته عليها
كان يقف خارج بوابة القصر يستند على مقدمة السيارة وكل فنية وأخرى ينظر لساعة يده ويتسأل لم تأخرت لهذا الحد على غير عادتها يقسم انه اعتاد عليها وأصبح ينتظر الصباح كي يراها ويشبع فضوله نحوها فلا ينكر أنه إلى الآن يستغرب لم فتاة مثلها حزينة وانطوائية لهذا الحد رغم كل ما تملك من رفاهية انتشله
من شروده قول زوجة أبيها
ميرال مش رايحة الجامعة
تقلصت ملامح وجهه وكاد يسأل عن السبب خوفا ان تكون مريضة أو
أصابها مكروه ولكنه تراجع بأخر لحظة وهو يلعن فضوله المقيت الذي يجعله يتدخل فيما لا يعنيه
اخبار اختك ايه
انتشله سؤالها من أفكاره مما جعله
يحمحم يجلي صوته ويخبرها في مجاملة
تمام الحمد لله بعتالك السلام
أبتسمت هي وقالت بتعالي
أختك كانت زميلتي في الجامعة قبل ما تتجوز وبصراحة لما قابلتها بالصدفة و عرفت ظروفها واللي حصل لجوزها وأنك انت اللي بتصرف عليها وعلى بنتها ومش لاقي شغل صعبت عليا وقولت انت اولى من الغريب وعلى الأقل هتفهمني وتنفذ اللي أقولك عليه
ابتلع غصته وهو يلعن بسره تلك الظروف التي جعلته يقبل بعرضها من اجل شقيقته وبنتها وقال
انا تحت امرك يا مدام دعاء وبنفذ كل اللي طلبه فاضل بيه مني
نفت دعاء بأصبعها أمام نظراته وأخبرته متهكمة
أنا اللي مشغلاك مش فاضل ولازم تسمع كلامي انا قبل منه
تأهب لحديثها وعقله يخبره انها ستقول شيء لم يعجبه وبالفعل صدق حدسه حين قالت بنبرة آمرة
كل تحركات ميرال يكون عندي علم بيها وقبل ما تفكر تعترض افتكر إني أقدر أقطع عيشك
زفر انفاسه حانقا من ټهديدها و عقب بدفاع وبنبرة مفعمة بالكبرياء
أولا الأرزاق على الله يا هانم
ثانيا بقى انسة ميرال مبتروحش في حتة غير جامعتها ومش موضع شك وبصراحة مش شايف داعي
لقلقك
أطلقت دعاء ضحكة صفراء هازئة وعقبت بخبث
يظهر أنك