الأربعاء 25 ديسمبر 2024

جبر السلسبيل

انت في الصفحة 3 من 46 صفحات

موقع أيام نيوز


من أهنة ملكش بنات عندنا و لو عدت مرة تانية هطخك پالنار و أنت خابر زين حديت عبد الچبار المنياوي ..أردف بها بصوت جوهري حاد و هو يقبض على عنقه بكف يده كاد أن يزهق روحه..
جاهد قناوي و تحدث بصعوبة بصوت مرتجف متقطع..
يا بيه أهمل بتي ليك كيف و أنت جولت مريدش چوازك منها.. أكده الناس تاكل وشي و أبجي مسخرة وسط الخلق..

دفعه عبد الجبار پعنف و أخذ يفكر في حديثه للحظات و من ثم أجابه بتعقل و نبرة لا تحمل الجدال..
بتك ليها حق في ورث چوزها اللي هو أخوي الله يرحمه و هتقعد في حقها معززة مكرمة محدش يقدر يمسها بكلمة واحدة طول ما هي في حمايتي..
جحظت أعين قناوي بذهول مرددا..
أفهم من أكده إن سعادتك هتعطي بتي حقها في أرض چوزها و ماله و الدوار و شغله اللي في مصر وياك كمان!!!..
وه كنت فاكرني هاكل حق الولاية و لا أيه يا واكل ناسك أنت ..
غمغم بها و هو يجذبه من ياقة جلبابه و سحبه خلفه دفعه لخارج أسطبل الخيل الذي كان يحتجزه داخله دفعه أطاحت به أرضا مكملا بأمر..
غور من قدامي.. معيزش أشوف خلقتك مرة تانية أهنة ..
الله يعمر بيتك يا عبد الچبار بيه.. يا أصيل يا ولد
الأصول.. يلي هتقعد بتي في ورثها ..
ظل يرددها قناوي بصوت مرتفع و فرحة غامرة ظاهرة يريد أن يستمع لحديثه كل أهل البلد ليكون هذا مبرره بترك أبنته بمنزل أهل زوجها المټوفي..
بينما ظل عبد الجبار يقف مكانه يتابعه بشرود و قد أدرك خطۏرة الوضع الذي أصبح فيه فوجودها هنا بمثابة سكب الزيت فوق الجمرات المشټعلة بقاع قلبه..
.............................. لا إله إلا الله ...................
سلسبيل..
كلما أستعادة وعيها تجد خضرا تجلس بجوارها تربت على شعرها تاره تبكي على حالها تاره تقرأ لها بعض الآيات القرآنية تاره أخرى 
ظلت ترعاها بنفسها بكل طيب خاطر تحت نظرات بخيتة المغتاظة و كلماتها المسمۏمة التي تلقيها على سمعها لكنها لم تتركها بمفردها بأذن من زوجها أظهرت معدنها الأصيل و رونق قلبها الصافي عاملتها كما لو كانت بنت من بناتها..
و أخيرا بدأت تستعيد عافيتها و رمشت بأهدابها الكثيفة قبل أن تفتح عينيها الذابلة تنظر حولها بنظرات مرتعدة تسارعت نبضات قلبها تلاحقت أنفاسها وقد ظنت لوهلة أنها مازالت بمنزل والدها.
تنفست الصعداء حين لمحت خضرا تجلس بجوارها على الفراش مستنده برأسها على يدها و قد غلبها النعاس.. 
أبلة خضرا.. همست بها سلسبيل بصوتها الضعيف لكنه وصل لسمع تلك الحنونة فنتفضت مسرعة تتفحصها بلهفة و هي تقول بفرحة..
أنتي فوقتي يا خيتي..
أرغمت سلسبيل نفسها على الابتسامة لها و رسمت قوة زائفه على ملامحها الحزينة و حاولت تعتدل جالسة.. لتسرع خضرا و تساعدها برفق و تضع لها الوسائد خلف ظهرها بوضع أكثر راحة مدمدمة..
أيوه أكده شدي حيلك و فوقي يا خيتي و إني هچيبلك أحلى وكل من عمايل يدي يرم جتتك ..
جاهدت سلسبيل حتي تتحكم بعبراتها التي تغزو عينيها و هي تقول بامتنان.. متتعبيش نفسك أكتر من كده يا أبلة خضرا.. كفاية كل ما أفتح عيني بلاقيكي جنبي ..
صمتت لبرهة تلتقط أنفاسها و تابعت بتنهيدة متعبة..
أنتي أول واحدة تعاملني بحنية كده بعد أمي الله يرحمها مع إنك المفروض تكرهيني علشان كنت هبقي دورتك..
هنا بكت خضرا و ضمتها لصدرها بحنان بالغ يدها ترتب خصلات شعرها الحريرية المشعثة..
جلبي عليكي يا بتي.. لساتك أصغيرة على المرار و الغلب ده كله..
أستكانت سلسبيل بحضنها عينيها تذرف العبرات دون بكاء و ابتسامة باهته تزين شفتيها المزمومة و قد تذكرت حضڼ والدتها التي حرمت منه إلى الأبد منذ سنوات و من حينها لم يحنو عليها مخلوق بعدها..
أنا مش عايزة أخد منك جوزك يا أبلة خضرا والله.. و في نفس الوقت مش عايزه أرجع لأبويا و مش عارفة أعمل أيه و لا أروح فين..
قالتها سلسبيل بصوتها المجهد و ابتلعت ريقها و تابعت بجملة جعلت شهقات خضرا تزداد..
أنا كنت بتمني أموت في أيد أبوي المرادي.. كنت هروح عند ربنا و أرتاح من
عذابي ده..
بعيد الشړ عليكي يا خيتي.. متقوليش اكدة مرة تانية..
قالتها خضرا و هي تربت على صدرها بكف يدها و تابعت بنبرة مطمئنة..
متشليش هم واصل.. أني اتحدتت مع عبد الچبار و قالي إنك هتقعدي حدانا في حقك..
حقي!!!..غمغمت بها و هي تبتعد عن حضنها و تنظر لها بعدم فهم فتابعت خضرا بابتسامة و هي تزيل عبراتها..
أنتي ليكي حق في ورث چوزك الله يرحمه.. و عبد الچبار قالي أقولك لو ليكي غرض تنزلي معانا مصر تقعدي حدانا في ورث چوزك يا مرحب بيكي.. و لو رايده تاخدي حقك مال هو هيقدروا و يدفعلك حقك وزيادة كمان..
تهللت أسارير سلسبيل عندما علمت أنهم سيأخذونها معاهم إلى مصر هذا كل ما تريده لا تريد الورث و لا المال.. تريد حريتها فقط حتى تستطيع البحث عن عائلة والدتها..
بجد يا أبلة خضرا هتاخدوني معاكم مصر!..
فرحة خضرا لفرحتها و احتضنت و جهها بين كفيها مردفة..
إحنا كنا ناوين نقعد يومين اهنة و نعاود علشان مشاغل أبو فاطمة ياما.. و قعدنا كل الوقت ده لخاطرك يا ست البنتة..قولنا نستنى نطمن عليكي و تبقي زينة و نعاود طوالي..
تحاملت سلسبيل على نفسها و غادرت الفراش بخطي مترنجحة و هي تقول بفرحة غامرة..
أنا بقيت زينة أهو يا أبلة خضرا.. خدوني معاكم و خلينا نمشي من هنا قبل ما أبوي يجي ياخدني تاني الله يخليكي..
اقتربت منها خضرا بخطوات مهرولة و ساندتها قبل أن تسقط أرضا بسبب عدم اتزان جسدها الهزيل..
على مهلك عاد يا بتي.. خليني أوكلك لقمة تقويكي لول و بعد أكده هتحدد مع عبد الچبار و أقوله إنك بقيتي زينة..
حديثهم هذا بأكملة أستمعت له بخيتة الواقفة على باب الغرفة تتجسس كعادتها الحمقاء تصطك على أسنانها بغيظ و قد إذداد ڠضبها منهما أضعاف مضاعفة..
فاكرة نفسها ست الدار خضرا بنت نفيسة و بتتحدد على هواها.. الله في سماه لطين عيشتك يا خضرا و ما هيرتاح ليا بال إلا و إني مچوزة ولدي عليكي..
انتفضت راكضة حين أستمعت لصوت حمحمة عبد الجبار يعلن بها وصوله و سارت متجهه نحوه بخطوات غاضبة و هي تقول..
معقول الحديت اللي چاني ده يا عبد الچبار.. أنت صح هتاخد اللي ما تتسمي سلسبيل معاك على مصر!!! ..
أجابها عبد الجبار بهدوء أغضبها أكثر..
أيوه يا أمه.. و انتي كمان هتيچي معانا.. أني مههملكيش لحالك اهنة بعد أكده واصل..
بخيتة
پغضب و صوت عال وصل لسمع سلسبيل جعل قلبها يسقط أرضا من شدة خۏفها.. تيجي معانا بصفتها أيه العقربة دي.. لا هي مرتك و لا أنت رايد تعقد عليها.. تبقي تسافر معانا ليه يا ولدي.. ارميها لأبوها و غورها من أهنة ملناش صالح بيها عاد..
نظر لها عبد الجبار قليلا نظرة جامدة بينما
سلسبيل تنتظر رده عليها بنفاذ صبر و أنفاس متهدجة و قد بدأ جسدها يرتجف بقوة بعدما انسحبت الډماء من عروقها تاركة وجهها شاحب من شدة فزعها..
عبد الجبار بعقلانية.. أنتي خابرة زين أني لو رچعتها لأبوها ھيقتلها من قسوته عليها..
ما ېقتلها و إحنا أيه خاصنا بيهم..قالتها بخيتة بجحود جعلت عبد الجبار يحرك رأسه بيأس من طباعها مردفا بأسف.. 
طول عمري بقول عليكي قوية يا أمه.. بس قوتك المرادي بقت جبروت..
سار من أمامها متجهه نحو زوجته التي خرجت للتو من غرفة سلسبيل تاركة بابها موارب قليلا و تابع بصرامة قائلا..
نهاية القول أرملة أخوي في حمايتي من انهارده يا أمه من غير ما اتچوازها.. لأني متچوزش ست الحريم كلياتهم.. 
و سلسبيل هترچع معانا على مصر وقت ما تقوم على حيلها و تبقي زينة ..
أنهى جملته و اقترب من خضرا الواقفة تنتظرة بابتسامة هائمة تزين ملامحها الطيبة التي أضاءتها الفرحة بحديث زوجها لف يده حول كتفيها و سار بها تجاه غرفتهما المقابلة لغرفة ابناتيهما التي أصبحت تمكث بها سلسبيل مؤخرا
كانت سلسبيل تتابعهما بأعين منذهلة لم تري بعمرها الذي لم يتعدي العشرون عام رجل يحتضن زوجته رغم أنها كانت زوجة لخمسة أعوام لكنها لم تجرب هذا العناق خلالهم ولا مرة..
اعتلت ملامحها ابتسامة خجوله حين رن بأذنها أسمها بصوته الذي لمس شيء بداخلها شديد الحساسية فاغمضت عينيها ببطء و هي تهمس بأسمه هذه المرة و هي بكامل وعيها ببوادر إعجاب..
عبد الچبار..
الفصل الخامس..
أشرقت شمس نهار يوما جديد استيقظ الجميع منذ بكرة الصباح يجمعون أغراضهم إستعدادا للسفر برفقة عبد الجبار إلى مصر بينما سلسبيل لم تأخذ شيء معاها مطلقاحتي إنها قامت بخلع ثيابها البيتيه بأكمالها و ألقتهم بالقمامة و ارتدت عباية سوداء كبيرة للغاية على جسدها الصغير و حجاب من نفس اللون أخذتهم من خضرا لا تريد أخذ شيء من هذا المنزل يذكرها بما عانته و قد حسمت قرارها فور خروجها منه لن تعود إليه مرة أخرى بل لن تعود إلى البلد ثانية..
كان قلبها يرفرف بفرحة غامرة بين ضلوعها كالطير الحبيس لسنوات داخل غرفة مظلمة و أخيرا رأي شعاع نور الحرية عندما صعدت برفقتهم سيارة عبد الجبار المجهزة لسفر المسافات الطويلة لسوء حظها جلست بجوارها بخيتة بينما جلست خضرا خلفهما بجانب أبنتيها و جلس عبد الجبار كعادته بجانب السائق يتابعهم عبر المرآة بأعين كعيون الصقر..
لم تبالي سلسبيل لنظرات بخيتة الحاړقة و كلماتها السامة التي تلقيها على أذنها من حين لآخرحتي وصل بها الأمر أن تلكمها پعنف بكوعها مرات متتالية ببطنها من شدة غيظها منها و لكن بنفس الوقت كانت سعيدة بقدومها معاهم و بداخلها تنوي أن تزوجها لابنها رغما عن أنف خضرا ..
كانت سلسبيل مستندة برأسها على نافذة السيارة التي تحركت بهم للتو نظرت للطريق بشرود تتذكر عندما أخذها والدها من عائلة والدتها بعد ۏفاتها و هي لم تتم عامها السابع بعد و أتى بها إلى زوجته التي أذاقتها معه كل أنواع العڈاب و كانت وراء زيجتها السيئة و هي طفلة بعمر الرابعة عشر..
وبالرغم لكل ما حدث لها على يد والدها إلا أنها تريد أن
تودعه قبل أن تغارد البلد أطلقت زفرة نزقة من صدرها و نظرت تجاه عبد الجبار و تنحنحت بحرج و هي تقول..
لو سمحت يا أبو فاطمة!!..
زمجرت بخيتة بشراسة و لکمتها بكوعها بقوة مرددة..
كك خابط اسمه سيدك عبد الچبار..
وبعدهالك عاد يا أمه.. مش أكده أمال.. قالها عبد الجبار و هو ينظر لهما من فوق كتفه و تابع موجهه حديثه لسلسبيل التي ترقرقت بعينيها العبرات..
كملي حديتك..
ابتلعت لعابها بصعوبة و قد ظهر الخۏف
 

انت في الصفحة 3 من 46 صفحات