الخميس 26 ديسمبر 2024

بقلم هدير نور

انت في الصفحة 3 من 79 صفحات

موقع أيام نيوز

 

 


ابوك لا و مع مين مع
بياعة الطعمية
قاطعه راجح بحدة و صدمة في ذات الوقت
وس اخة!! ليه هو انت مصدق ان انا ممكن اعمل حاجة زي دي 
التف عابد حول المكتب و جلس علي مقعده قائلا بنبرة غليظة حادة يتخللها التهكم
و مصدقش ليه مش بيقولك ابن الوز عوام و انت ابوك كان اي 
ثم توقف عن تكملة باقي جملته قائلا بنبرة ذات مغزي هو يتطلع بحدة نحو راجح الذي تصلب جسده بقسۏة فور سماعه كلماته

ولا مالوش لزوم 
انتفض راجح واقفا بينما اخذ جسده يهتز من شده الڠضب الذي كان يعصف بداخله هاتفا بنبره شرسه
و مالوش لزوم ليه ما تكمل كلامك زي ما ابويا امي مش كده بس انت عارف كويس اني معرفوش و لا عمري شوفته و انك انت اللي مربيني علي ايدك يعني المفروض تبقي عارف كويس انا علي ايه 
ليكمل بصوت يملئه الڠضب والحسړة
بس الظاهر انك عمرك ما اعتبرتني ابنك ولا عمرك عرفتني
انهي راجح كلماته تلك مندفعا نحو باب الغرفة ينوي المغادره قبل ان يفقد اعصابه و يفعل شئ قد يندم عليه 
لكن اسرع عابد خلفه ممسكا بذراعه قائلا بلهفة فور ادراكه فضاحة ما تفوه به فهو لا يرغب في اغضابه او خسارته فقد كان بالنسبه اليه الدجاجة التي تبيض له بكل يوم بيضة من الذهب 
متزعلش مني يا بني انت عارف اني مقصدش انا بس اضايقت لما البت دي قالت كده عليك 
ليكمل وهو يربت علي ظهره بقوة
بعدين ازاي تقول ان عمري ما اعتبرتك ابني ده انا واخدك في من و انت لسه حتة لحمه صغيره مكنتش كملت يوم علي وش الدنيا 
ضغط علي كتفه قائلا بارتباك و توتر محاولا استمالته و امتصاص غضبه
ده انت ابني و نور عيني اول فرحه ليا و مسلمك مالي و حالي كله 
ضغط راجح علي فكيه بقوه وهو يحاول التماسك حتي لا ينفجر ما في صدره من كلمات قد ټأذي ولده و تدمر علاقته به الي الابد
ربت عابد علي ظهر راجح عندما ظل الاخير صامتا قائلا و علي وجهه ترتسم ابتسامة بينما يوجهه نحو المكتب
يلا يلا يا حبيب ابوك كمل انت شغلك الشغل كتير و هياخد منك طول الليل 
ليكمل و هو يتجه نحو باب الغرفة يستعد للمغادرة
و انا هطلع البيت اريحلي شوية 
اومأ راجح برأسه بصمت مراقبا اياه و هو يغادر المكان ليرتمي بتثاقل فوق المقعد فاركا وجهه پغضب و حدة و فكرة المغادرة و ترك كل شئ تسيطر عليه من جديد 
يرغب بترك هذا المكان و الذهاب لمكان يمكنه البدأ فيه من جديد لكنه لا يستطيع ترك عائلته هكذا خاصة والديه الذين تولوا تربيته و منحه اسمهما عندما كان طفل لقيط عاجز 
فقد ظل طوال طفولته معتقدا بان عابد و إنعام والديه كما كان كل الناس تعتقد ذلك لكن عند بلوغه سن الحاديه عشر اخبره والده في احدي نوبات غضبه المعتاده انهم ليس والديه ثم عرف منه القصه باكملها بان والده الحقيقي اسمه مأمون كان صديقه المقرب و كان صديقه هذا وحيدا بهذه الحياة لا يوجد له عائلة فلم يكن له سوا عابد الذي كان يعده عائلته الوحيدة بينما كانت والدته خادمة التي كانت ايضا بدون عائلة حيث كانت خرجت من دار الايتام حديثا عندما عملت بمنزل والده كخادمة و في يوم كان والده كعادته سكير حيث كان مدمن كحول قام والدته وبهذا اليوم حملت به والدته وعندما اخبرت مأمون عن نتيجة فعلته انكر فعلته و رفض الزواج بها طاردا اياها مما جعلها تلجأ الي
عابد الذي فشل في اقناع صديقه بالزواج منها لكن بعد فترة قليلة ټوفي مأمون بمرض السړطان الذي كان مصيب به منذ فترة طويلة ولم يكتشفه الا بوقت متأخر بعد ان انتشر بكامل جسده 
ثم ټوفيت والدته هي الاخري اثناء والدتها اياه فاخذه عابد الذي كان قد مر علي زواجه اكثر من 7 سنوات بدون اطفال
اخذه عابد و زوجته نعمات وغادروا بيتهم حتي لا يعلم احد بانه ليس طفله حيث ظلوا مسافرين باحدي دول الخليج لمدة 5 سنوات ليعودوا بعدها الي حييهم الذي به اقاربهم وجيرانهم الذين صدقوا ان راجح طفلهم بالفعل 
و من وقتها اصبح راجح امام الناس ابن عابد الراوي البكر 
و عندما اصبح راجح بسن السابعة حدثت المعجزة
و حملت نعمات زوجت عابد و جلبت له شهد ثم حملت اخري ثم اكرم الله عليها مره اخري مروان ثم انجبت اخيرا هاجر التي الان بالسنة الاخيرة بالثانوية العامة و منذ هذا و بدأت معاملة عابد له تتغير حيث اصبح جافا في تعامله معه يرمي له بالكلمات عن والده مقارنا اياه به كثيرا 
لكن رغم هذا لم يشتكي راجح ابدا فهو سيظل مدين له طوال حياته بما فعله معه فلولا عطفه عليه لكان لقيط ملقي بالشوارع لا مأوي له و سيظل هذا الدين برقبته مدي الحياه يدين به لوالديه خاصة والدته نعمات التي كانت تعشقه حد الجنون مغدقه اياه دائما بحنانها 
خرج راجح من افكاره تلك علي صوت رنين الهاتف الذي علي مكتبه اجاب بهدوء ليصل اليه صوته والدته
ايه يا نور عين امك مجتش تتعشا ليه
تنحنح راجح محاولا تصفية صوته حتي لا تلاحظ الضيق
معلش ياما عندي شغل و هسهر في المكتب النهاردة 
قاطعته نعمات بحزم و حده
شغل شغل ايه ما يتحرق الشغل
لتكمل بصوت يتخلله الحنان
صحتك يا ضنايا مش كده انت من صبحية ربنا شغال هتشتغل كمان الساعتين بتوع بليل اللي بتريح فيهم 
لتكمل هامسة محاولة اغراءه و حثه علي القدوم
طيب عارف انا عاملالك ايه علي العشا صنية البطاطس باللحمه اللي بتحبها و حمام محشي كمان 
غمغم راجح هو يمرر عينيه بيأس علي الاوراق المنتشرةعلي مكتبه
والله ياما ما هينفع 
لكن قاطعته نعمات بصوت صارم
والله يا راجح ما هحط حاجه في بوقي الا لما تيجي وانت حر بقي خلي سكري يعلي عليا و اتعب انت ع 
قاطعها راجح علي الفور و قد ادفأ قلبه حنانها هذا
خلاص ياما خلاص انا طالع اهو هقفل المكان بس مع العمال و طالع 
غمغمت نعمات بحماس
ماشي يا نور عيني و انا هقوم اجهز العشا تكون خلصت 
اغلق راجح مع والدته ثم نهض يجمع الاوراق ليأخذها معه المنزل ويسهر عليها هناك 
مر بعض الوقت 
فبعد غلقه الهاتف مع ولادته فما ان قرر الذهاب جاءه اتصال هام خاص بالعمل جعله يعاود فتح بعض الاوراق ومناقشتها مع الطرف الاخر 
رفع رأسه عن الاوراق التي امامه عندما سمع الصوت الصاخب لشقيقته الصغري هاجر
جري ايه يا راجح كل ده شغل ماما قاعده مستنياك 
اخفض راجح سماعة الهاتف يتطلع اليها بصدمو قائلا پحده
ايه اللي جابك في الوقت المتأخر ده و ابويا ازاي سمحلك تنزلي لوحدك 
قاطعته سريعا وهي تجلس علي المقعد الذي امامه
متخفش ماما وقفتلي في البلكونة اصلها عماله تتصل بيك وانت مشغول 
اشار بيده للهاتف الذي بيده قائلا
جالي تليفون مهم خاليكي قاعده لحد ما اخلص ونطلع سوا 
اومأت برأسها بصمت بينما تشاهده يعاود الحديث علي الهاتف و يولي اهتمامه اليه جلست تعبث ببعض الاشياء الموضوعة علي المكتب عندما رأت مبلغ من المال موضوع بين الاوراق التي فوق المكتب مما جعل عينيها تلتمع بحماس 
اخذت تحاول عدة مرات ان تمد يدها بهدوء محاولة الوصول لها و اخذها لكنها كانت تتراجع باخر لحظه خوفا من ان يراها شقيقها لكنها عندما وجدته ينهض ويتجه نحو خازنه الاوراق يبحث بين الملفات موليا ظهره لها نهضت سريعا خاطفة تلك الاموال و تدسها بجيب بنطالها سريعا قبل ان تعاود الجلوس بهدوء مرة اخري 
ظلت جالسة بهدوء حتي انهي المكالمة قائلا
معلش يا جوجو ذنبتك معايا و زمانك جوعتي هلم الورق ده ونطلع علي طول 
هتفت هاجر تتدلل علي شقيقها كالمعتاد
اها ونبي يا راجح بطني خلاص مش قادره 
ضحك راجح بخفه وهو ينهض علي قدميه جامعا الاوراق المتناثرة بعشوائية علي المكتب لكنه تذكر بانه قد اخرج من جيبه الف جنيه حتي يعطيها بالغد لحكيم لكي يقوم بسداد فاتورة الكهرباء الخاصة بالمخزن بفقد اخرجها ووضعها علي المكتب قبل قدوم والده مباشرة 
اخذ يبحث عنها بين الاوراق لكنه لم يجدها بحث علي الارض و بجيبه لكنه عجز عن ايجادها 
راقبت هاجر بتوتر شقيقها وهو يبحث بين الاوراق تصنعت عدم الفهم قائلة
بتدور علي حاجة !
اجابها راجح وهو يبحث بدرج المكتب
فلوس فاتورة الكهربا كنت حاططها علي المكتب هنا مش عارف راحت فين 
بين اسنانه المطبقه پغضب
اها يا بنت الك لب يا
حرام ية 
غمغمت هاجر بارتباك وهي تتصنع البحث اسفل المكتب
بتقول حاجة يا راجح 
هز رأسه نافيا قائلا بهدوء
بقولك مش مهم و بكره هبقي اشوفهم 
ليكمل وهو يضع الاوراق بخازنة الملفات قبل ان يلتف حول المكتب ويقف بجانبها
يلا بينا نطلع علشان اتأخرنا عليهم
لكن ما انهي جملته حتي عاد الهاتف للرنين وعندما اجاب وجده اتصالا هام مما جعله ينادي علي احدي العمال امرا اياه بتوصيل شقيقته للمنزل واعدا اياها ان ينهي العمل و يعود للمنزل سريعا
هتفت ام محمد بحدة بينما تراقب صدفة التي كانت منشغلة بصنع شطائر الفلافل للزبائن بوجه متجهم و الڠضب يرتسم عليه فمنذ
قدومها من وكالة الراوي وهي علي حالتها تلك
يا بت ريحيني و قوليلي مالك في ايه انتي علي الحال ده من وقت ما رجعتي من وكالة الراوي في ايه حصل هناك خالكي قالبه وشك كده 
لتكمل بقلق عندما استمرت في صنع الشطائر بصمت دون ان تجيبها و التجهم لا يزال مرتسم علي وجهها
طيب الحاج عابد زعقلك او قالك حاجة طيب راجح باشا عملك حاج 
الټفت اليها صدفة فور سماعها اسمه هاتفة بحدة و نفاذ صبر
بقولك ايه يا ام محمد متجبليش سيرته انا عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي و مش طايقة نفسي احسن اقسم بالله اقو 
لكنها قطعت باقي جملتها شاهقة پصدمة عندما قام احدي الاطفال باختطاف مصفاة الزيت التي كانت موضوعة علي الطاولة امامها ثم فر هاربا راكضا باقصي سرعه لديه و هو يهتف مغيظا اياها 
علشان تبقي تاخدي الكورة اللي بنلعب بها و تقطعيها كويس ابقي شوفي هتطلعى الطعمية بتاعتك علي ايه 
صړخت صدفة پغضب و هي تنتفض واقفة علي قدميها
انت ياض يا ابن الحرامية رجع المصفا و الا و ديني هاجي أأكلك الجزمة 
لكنه تجاهلها و ركض بسرعة اكبر و مصفاة الزيت لازالت بيده مما جعلها تصرخ بشراسة و هي تمسك بطرف عبائتها السوداء و تركض خلفه سريعا و هي تصرخ
طيب وحياة امك لأطلع فيك قرفي و غلبي كله
انت اللي جبته لنفسك يا ابن الرفدي 
ظل الطفل الذي كان يدعي احمد بالركض وهو يضحك فقد كان معتاد هو و اصدقائه علي إغاظتها بهذا الشكل 
بينما ظلت صدفة تركض خلفه متتبعه
اياه بانفس لاهثة منقطعة يقودها ڠضبها المشتعل 
توقف احمد عن الركض اخيرا حتي يلتقط انفاسه التي انقطعت مراقبا بتسلية صدفة و هي تتقدم نحوه
راكضة 
لكن تباطئت خطواتها
 

 

 

انت في الصفحة 3 من 79 صفحات